[color=white]
ذلك الكهل الغريب الأطوَار .. لا يُبارح مكانه البتة !..
منذُ تقاعد وجلس في البيت ، أصبح شخصاً ثقيلاً يتدخّل في الصغيرة قبل الكبيرة..
حاجزاً لنفسه مكانا أمام منزله ... لا يُبارحه الاّ عند الشديد القوي..!..
وذات يوم .. وبينما كان يعدُّ النجوم .. صاح بأعلى صوته منادياً عقيلته قائلاً:
- العالية ..أ العالية ... نا وليني كوباً من الشاي ، وأريده أن يكون شاي حار وحلو ..!..
أجابته العالية بعدما تنفست بعمق:
- سأحضره لك في الحال سيدي التاقي..
وقالت بينها وبين نفسها: ( روح التاقي الله ينتقم منك )..
أطلق العنان لحنجرته ثم صاح:
- لقد هرمتِ أيتها العجوز .. وصرتِ تتماطلين حتى في تحضير كوب شاي حار وحُلو..!..
ما ان أكمل صياحه حتى أحضرت العالية كوب الشاي ، ناولته اياه ثمّ همّت بالمغادرة..
لكن الكهل العنيد أوقفها وطلب منها الإنتظار لحين تذوق الشاي ،،
( كان يبدوا على الكهل المتقاعد الملل والكآبة ، كان يشعر بالوحدة .. ويتمنى أن يُعيد الزمن الى الخلف ليعيد شبابه الضائع.. لكن هيهات .. هيهات أن يقول للشباب عد فيعود..)!..
ارتشف الشاي ... جال بناظره المكان ثم سكبه على الأرض ورمى بالكوب عرض الحائط..
تساءلت زوجته قائلة:
- لم سكبتَ الشاي هكذا ؟...
- لا تعرفين أيتها العجوز ..؟ آه..!..
تُمثلين علي !!
- لم أفهم شيء سيدي التاقي ؟؟!!..
- سأفهمك وأوضّح لكِ كلّ شيء بالداخل...
بدأ جسد العالية يرتعد من الوجل ، فهي تدري جيداً أن هذا العجوز الأحمق لن يمرر هذه الليلة بسلام ،، دفعها بقوة حتى ارتتطمت بالحائط ووقعت..
أخذ عكازه وانهال عليها ضرباً .. فصاح يقول:
- تضعين لي ملحا في الشاي أيتها العمياء... تُريدين التخلّص مني ..آه .. أجيبي يا غبية ..
أجيبي أيتها العاقر .. أجيبي..
ردت وهي تتأوه وجعاً:
- لستُ أنا العاقر .. بل أنت أيها العجوز أنت .. أنت هو العاقر ...
لم يُصدق أذنه واستمرّ في ضربها الى ان أغميَ عليها.. فصار يصرخ كالمجنون:
- حبيبتي .. عاليتي .. لا .. لا .. لا ترحلي ..
أنا زوجك الذي يُحبك.. قُومي .. لا تفعلي هذا بي .. قومي .. العاليااااااااااا .....
وفجأة .. يدٌ غليظة هوت على خذه.. فقام من مكانه .. تعوّذ بالله من الشيطان الرجيم .. ومسح على رأس ابنه الصغير وعاد الى فراشه!.